ـ1ـ
كان الشعر عصفور مقصوص الجناح
وأفكار ما إلها وجود بهالوجود
وأوراق تدريها العواصف والرياح
في كون ما لو لا مساحه ولا حدود
لما بضيعة "مجدليا" طفل صاح:
أللـه أكبر ع السلاسل والقيود
وفيّق شبح أجيال، والكابوس زاح
عن شعب مؤمن بالعطا ومخلص ودود
وما لحق وجه الضو للملاّح لاح
حتى وقف مارد بوجه العاصفه
وجنّح بروحو لصوب مملكة الخلود
ـ2ـ
ويا يقظة البحّار.. يا ملاّح راد
يبحر ورا المجهول يبحث عن إله
في كون غارق بالظلم والاضطهاد
أبعد من حدود الأنا وأبعد مداه
وبلّش يبث الروح في قلب الجماد
ويحرق شموع العمر ع مدبح هداه
حتى يوعّي شعب.. ويحرر بلاد
من أخطبوط الطائفيّه ومن بلاه
ويا ما عطَيت المعرفه والفكر زاد
من روح أسمى من الكواكب والنجوم
ومن قلب أرفع من محيطك مستواه
ـ3ـ
ولمّا اكتشف عندك "زهير" الموهبه
وعرفك اديب وملهم وشاعر كبير
عمّم تراثك ع المحيط اليعربي
تا يعالج بشعرَك جرح.. سرّو خطير
وانت بالايمان والطبع الأبي
قدت السفينه وكنت ربّانا القدير
حتّى وصلت لَشط أسمى مرتبه
ويا مشبّع مروج القوافي بالعبير
جدّد بشعرك مجد جبران النبي
تا يشوف حالو فيك لبنان القيَم
ويعتز فيك الأرز يا حر الضمير
ـ4ـ
ومتل ما الباشا طريقك عبّدو
وقلّك تفضّل قوم يا ملاح روح
خوض بمجاهل كون.. واللي بتعبدو
فتّش عليه بتوجدو بين الجروح
الـ عم ينزفوا بقلوب ناس استُعْبِدوا
من قبل قوم.. بسرّهم للكون بوح
بركي عن دروب الضلال بيبعدوا
وبيبدلوا الوجه الردي بوجه الصبوح
وبيرجعوا بعد الكفر بيمجّدوا
الربّ الإله اللي خلقنا كلنا
بحرفين "كاف ونون" من طينه وروح
ـ5ـ
وشو ما حكي عنّك "زهير" العبقري
يا "شربل بعيني".. وشو ما "زين" قال
بتضل وحدك في يقين الجوهري
خزنه ملانه كنوز والمتلك قلال
ملاّح.. دم التضحيه بجسمك سِري
وحب التطور قادك لأبعد مجال
لا مدّعي.. ولا معتدي.. ولا مفتري
ولا دخلت ع قلوب البشر بالاحتيال
ويا عندليب الشعر ع الغصن الطري
عطّر بنسمات الخلود جوانحك
ورتّل نشيد الحب تا يوعى الجمال
ـ6ـ
ويا "زهير" الحر يا مشعال نور
كشّح دياجير الليالي الظالمه
ومنو شلح بسمة ضيا لخلف البحور
نوّر بها دروب الحياة المبهمه
يا خالد بروحك على مرّ الدهور
يا مكرّم بنثرك قريحه ملهمه
يا شكسبير الشعر.. يا فوحة عطور
يا سيف قاطع للايادي المجرمه
يا ابجدية شعبنا الحر الغيور
يا اعتزاز الضاد في روّادها
في إلك منّا المكرمه بالمكرمه
ـ7ـ
يا "زهير" الشعر لوحات وصور
ونفحات عطرية من زهور الربيع
فيها السحر.. فيها السمو المبتكر
فيها الشفافيه وسنا الذوق الرفيع
وانت يا نسمة طيب دافعها السحر
مهما خيالي طاف بالجو الوسيع
وجمّع قوافي الشعر من خاص الدرر
وصبّها في قالب النثر البديع
تا قول كلمه فيك مع غضّ النظر
بهالالتفاته عْلى أدبنا المهجري
وتكريم "شربل".. انت كرّمت الجميع
يوم محمد زهير الباشا 1989
**
رياض العبقرية
يا شربل.. من رياض العبقرية
قطفت ورد الذكا والشاعريّه
وعلى قيثارة جروح المعنّى
شعرك طوّر النغمه الشجيه
يا شاعر في إلو التكريم منّا
والتقدير وقلوب الوفيّه
ومتل ما منحترم أرزة وطنّا
فيك منحترم أسمى المواهب
والأخلاق والنفس الرضيّه
صوت المغترب، العدد 882، 24 نيسان 1986
**
خلوة العمر مع الشاعر شربل بعيني
بعد غروب الشمس بقليل، دفعني الشوق وحملني الحنين إلى معبد الفكر، ومنبر الشعر، ومسرح الخيال.
وفي القاعة الفسيحة المعدة لاستقبال الضيوف والزوار، وبحضور الصديق الحميم والصحافي النزيه الاستاذ رفيق غنّوم، رئيس تحرير صوت المغترب الغراء، ولفيف من عشاق الشعر والادب، من آل بعيني والاصدقاء الكرام، جلسنا على بساط من ربيع الفكر، نستشق عبير القوافي، ونرشف من رحيقها حتى الثمالة.
وكلمة حق لا بد إلا أن أقولها بصراحة مجرّدة عن الشاعر شربل بعيني بعد استحصالي على مجموعة من تحفه الشعرية النادرة، أذكر منها: وريقات من دفتر الغربة، كيف أينعت السنابل، الغربة الطويلة، قلبي وطن وأخيراً دياب الشعب.. وبعد دراستي لتلك المجموعة القيّمة، وغوصي في مجاهل محيطاته البعيدة المرامي، واكتشافي الاسلوب الذي يطل به على جاليتنا الكريمة في بلاد الاغتراب، باتت لديّ قناعتي الذاتية بأن الطريق الذي شقّه وعبّده بنفسه الشاعر بعيني للشعر وللأجيال القادمة، لم يشقّه شاعر من قبله.
فالشاعر بعيني هو السيّد لكلمته وحريّته، وثقته بنفسه لا تحد بوزن، ولا توصف بحجم، وكلمته التي يعبّر بها عن إحساسه وشعوره هي في نظره الدواء الشافي لداء يشكو منه، وحبه لوطنه ولشعبه الحر الموحد يسمو فوق كل متطلبات وجوده.
له إرادة فولاذية، ولكنه غير مستبد برأيه، إذا وجد من يقنعه عن طريق العقل والمعرفة، لا عن طريق الجهل والاستبداد. لطيف مع محدثيه، يعمل بكل طاقاته لبناء مدرسته الأدبية الشعرية، ليحول الغالبية من شعبه إلى شعراء وفلاسفة وعباقرة.
لذلك تراه يتفلسف في شعره، ويرتكب الأخطاء والأغلاط عمداً، فتارة يخلط بحور الشعر في بعضها البعض، ويجيز ما لا يجاز، ويغوص في أعماق محيطاتها، ليكتشف المناجم، ويخرج اللآليء الفريدة، ليصهرها أفكاراً جديدة، ومشاعر صادقة، وصوراً حيّة، وسيوفاً قاطعة، وحراباً دامية، وأعاصير تجرف الأقنعة عن الوجوه المزيفة العميلة المتآمرة على شعبه ووطنه وتراثه، وديمومة بقائه حراً عزيزاً مستقلاً في معتقده وعلى أرضه في بوتقة رائعته الشعرية الجديدة: دياب الشعب.
وهنا أقف معجباً فاسحاً المجال لنفسي لدراسة هذه التحفة الشعرية، لإعطائها حقّها من التقدير والاهتمام، تاركاً لزملائي الشعراء، ولاخواني الأدباء أن يعطوا رأيهم في معجزة الزميل الشاعر شربل بعيني الشعرية "دياب الشعب".
وبكل تواضع، أقدم اعتذاري للشاعر بعيني، وللقارىء الكريم، عن عجزي في كتابة النثر لأنني شاعر، والشعر موهبة وعطاء إلهي. وشكري لمن يقبل اعتذاري.
صوت المغترب، العدد 884، 8 أيار 1986
**
لبناني أصيل
إلى صاحب القريحة الفيّاضة، والخيال المجنّح، والكلمة الساحرة، والذوق الرفيع، والعين المميزة، والشعور الصادق، والوفاء النادر، والجرأة المتحديّة، والوجدان الحي، والقلب الذي فطر على الحب والعطاء غير المشروط.
إلى الرسّام الرائع، والنحات المبدع، والوطني الغيور، الثائر المتحرّر من قيود الطائفية البغيضة والعنصرية المدمرة، اللبناني الأصيل، والملهم الكبير، الشاعر شربل بعيني، شاعر الغربة الطويلة، أقدم هذه الرباعيات:
ـ1ـ
يا شربل درب هالغربه الطويله
شعرك حوّلو لروضه وخميله
وهشيمو فتّح ورود وزنابق
شذاها عطّر مروج الفضيله
يا شاعر صف طابق فوق طابق
من درّ القوافي المستحيله
تا شيّد عرش من شعرو يطابق
مناقب ملهم بيفدي بروحو
بلادو وسمعة الأمّه الأصيله
ـ2ـ
يا شربل.. من بحار العبقريه
جمعت عقد القوافي المخمليه
وطلقت الفكر في الجو الخيالي
تا حلّق ع النجوم الأزهريّه
وصغت أبيات أغلى من اللآلي
سما فيها الشعر والشاعريه
وبنيت لمجدليّا مجد عالي
شمخ فيه الأرز تا صار ظلّو
حجاب لطلعة الشمس المضيّه
ـ3ـ
يا شربل.. عن كتف هاك الحفافي
اللي شبعانه عبير وعطر صافي
غذّيت القريحة ورحت منها
تنشر ع الملا طيب القوافي
وبلاد الـ جيت تحكي الشعر عنها
وتعطي عن حلاها شرح وافي
لو ما كنت عارف شو تمنها
ما خلّدتها بشعرك يا شربل
ولا توّجتها بتقدير كافي
صوت المغترب، العدد 882ـ 24 نيسان 1986
**
شربل صديقي
ـ1ـ
شربل صديقي.. والصداقه حدودها
نفحة عبير زهورها وورودها
وشربل بعيني.. بعين ربّ القافيه
شعلة ذكا فرضت عليه وجودها
بصياغة الكلمه
الـ بتضل محترمه
بالنظم والإبداع
الـ بيردني لحلمي
الـ بيولّد الإشعاع
وبيلوّن الظلمه
لأجيال.. مش بعدا عليها خافيه
نكهة شعر شربل وطيبة جودها
ـ2ـ
شربل صديقي.. والصداقه بجلّها
خصوصي إذا كانت وفا عَ حلّها
وشربل بعيني.. بعين عشّاق الوفا
هوّي الوفا.. وهوّي الشهامه كلّها
صادق بإيمانو
طاهر بوجدانو
ملهم بإحساسو
مخلص لإخوانو
وبينشرب كاسو
ومهما علي شانو
بيضلّ قلبو يحن عَ ليالي الصفا
الـ بتردّ نفسو الطيّبه لمحلّها
ـ3ـ
شربل صديقي.. وقد ما يطول النوى
بيني وبينو تنيننا منبقى سوا
وشربل بعيني.. بعين زين العابدين
شاعر مثالي حر عالي المستوى
ما بينحني هامو
وبيضلّ بمقامو
وفي صومعة روحو
من فيض إلهامو
ومن صرخة جروحو
في وجه حكّامو
بتاخد نصيبك من خلود الملهمين
وبتكبر بعملاق خفّاق اللوا
صدى لبنان، العدد 668، 17/10/1989
**
صومعة جبران
ألقاها في منزل شربل بعيني يوم تكريم السفير لطيف أبو الحسن والمطران يوسف مرعي
ـ1ـ
يا صومعة جبران منك ع الوجود
شرقط فكر شاعر غني بالموهبه
وجنّح بروحو وخشّ مملكة الخلود
ورجّع لسيدني روح جبران النبي
وبلّش يجمّع من شذا عطر الورود
تا صبّ هيكل أبجديه مرتبه
لشعرو.. لخيالو اللي تمرّد ع القيود
ورغم المخاطر والظروف المرعبه
شن حرب عْلى تلاميذ اليهود
هالتاجروا بدم الضحايا الأبريا
وباعوا وطنهم للعدو الأجنبي
ـ2ـ
ويا سيادة المطران تا يحلا القصيد
والقوافي تفاخر بأصحابها
وبنت الشعر تتمخطر بتوبا الجديد
بندوه تسامى الذوق في أربابها
بهمة سفير بلادنا وجهد العميد
هالمدرسه اللي مشرّعه أبوابها
للنشء حتى يستفيد ويستعيد
مجدو التليد.. تسابقوا كتّابها
للتضحيه والجود بالرأي السديد
تالجاليه فيهن سما إعجابها
وهالراهبات المن قريب ومن بعيد
حب الوطن حملوه للطالب شعار
ويا فخرنا بهالمدرسه وطلابها
ـ3ـ
ويا سفير الشعب.. يا أوفى سفير
للأرز.. لبلاد المحبه والجمال
يا دفقة الايمان يا حر الضمير
يا معدن النادر.. يا مفخرة الرجال
يا حامل جروحك بهالظرف العسير
تا ترسم لشعبك طريق الإعتدال
وهمك يعود الأمن والشعب الكبير
يقضي بوعيو ع ظروف الاقتتال
ولبنان يرجع عند تقرير المصير
يجمع تحت جنحيه شعبو بكاملو
ويكرم رجالو اللي هنّي كرموه
والعز يغمر أرزتو بهاك الجبال
ـ4ـ
إسمك لطيف.. ويا لطيف ما أروعك
وما ألطفك، ما أعظمك، ما أبدعك
ومنكرمك لما على الخط السليم
منوقف معك، وقلوبنا بتوقف معك
صوت المغترب، العدد 1077، 3/5/1990
**